الثلاثاء، 20 مايو 2014

قصيدة تقرأها مرتين ماجد الخاطري.. لعبة حظ خاسرة بقلم: علي المسعودي




يقول لاري كينج:  جميع من نجحوا في أي شيء ولا يذكرون الحظ يمازحون أنفسهم ..

ويقول بدر بن عبدالمحسن شعرا: (جمحت يامهر حظي واثر بك فزة .. ماطولت كلها غارة ومشواحي
ياسيد الشعر كل لابس بزة .. صعب نفرق مابين الخبل والصاحي!)
الحظ .. ذلك الطائر الخرافي الذي تقنص به فيأتيك بصيد العمر
ذلك الذي تذهب به جائعا طريدا .. فيعيدك مليئا مليكا متوجا
الحظ ذلك الذي يحط على كل الأيدي ويفر من كل الأيدي لايفرق بين عالم وجاهل وكريم ولئيم ..
ويقال أن الحظ عادة يفضل الذين لايعتمدون عليه!
أما الشاعر الشيخ ماجد بن سلطان الخاطري .. فلا يكتب عن الحظ، بل عن الحظوظ، من خلال عدة عوامل تخدم ذلك الطائر وتعزز سعوده وصعوده.
، لكن الشاعر قد لايعني الحظ بالمعنى المتداول في الأفهام العامة الذي يرتب أوضاع الكسول ويهب النصيب الاوفر للكسول الجاهل .. بل قد يكون الحظ هو الناتج الطبيعي للجهد والعلم واستغلال الفرصة المناسبة بمواكبة التوفيق والسداد ..
فيرى الأمل شعلة مضيئة في عتمة العمر .. ولايمكن للإنسان أن يعيش كما يجب إذا انطفأت، فهو اذن بمثابة روح الحياة ومعناها .. ومانراه جيدا هو يتم من خلال الأمل عادة
لكن القصيدة لاتتوقف عند الأمل   بل اشياء آخرى تتناولها بالتعريف مثل الصبر الحزن والليل .. فكأنما هي جميعا من جنود الحظ .. ومن جيوش النجاح أو من مسببات الخيبة عند غيابها ..
يقول الشاعر:
(الأمل شعله تضوي في العتيم
كيف وضع الآدمي كان انطفت
والصبر من ابلغ وصوف الحليم
كيف وضعه كانها عزومه غفت)
وربط الأمل بالصبر .. هو من نوافذ الذكاء الشعري لدى الشاعر إذ أن الأمل هو المعادل الموضوعي للصبر .. وكل منهما هو وجه العملة الأخرى للآخر .. فلايتححق الأمل إلا للصبور .. ولايستجلب الأمل إلا بالصبر.
(والليالي غيبها عند العليم
عالم سر النفوس وماخفت
الإله الواحد ومحيي الهشيم
لي عليه ظنون خلقه وقفت)
وقد تبدو ابيات القصيدة في شكلها الظاهري متفرقة .. لكن هناك خيطا نفسيا وفكريا يربط بينها فتصبح مثل حبات المسبحة في اليد كلما انحدرت واحدة تبعتها الاخرى بانسيابية ..
فالأمل هو المصباح .. والصبر هو مطيته .. ومايأتي لانعرفه لكننا نعرف | أنه من تدبير الرب العليم بنا وبحوائجنا وضعفنا
ثم يبادر الشاعر بالكلمة المفتاح .. (الحظ) تلك البوابة التي تفتح امامك فجأة فيتحول ليلك إلى نهار .. وتشرق الأرض بنور ربها ..
لكن النهار لايدوم .. والسعادة الخالدة لاتتم .. فنحن في دار الكدر
(والحظوظ اتعل من واقع أليم
لو تحاول في صفاها ماصفت
ماصفت والجو دايم فيه غيم
والهواجس بالمعاليق عصفت)
ولأن الحظ طائر ياتيك ثم يطير عنك بلا موعد فيجب إذن أن تطيع نصيحة خالد الفيصل:
(اليا صفى   زمانك عل ياظامي
اشرب قبل لايحوس الطين صافيها)
فعد ذلك ستأتي صروف الأيام .. وبمجرد غياب الحظ ستعمل الأفكار أعمالها في الروح .. وتفرض الهواجس سطوتها
(اعصفت بالروح وادعتني سقيم
انهت افراح المعتى ولااكتفت)
وكأن هذا اللبيت هو مفترق طرق في مسار القصيدة وفي مسيرة المشاعر .. فبعد ضياء الأمل وقوة الصبر .. تنكسر النفس رويدا رويدا وتغيب المشاعر الايجابية وبدأ (يحوس الطين صافيها) وعندما يطير الحظ .. يلعب شيطان الهم لعبته .. ولايبدو التماسك والتسامات التي تغطي الحال لاتجدي نفعا:
(والحزن والضيق شيطان رجيم
وابتسامات المجامل ماشفت
كم بخفي علة القلب الكليم
لي قصتني والشرايين تلفت)
وكل ماسبق من ابيات القصيدة ماهو الا مقدمة للحدث الذي انطق الشاعر بالشعر .. وتبدو الغاز القصيدة بالانكشاف ..
هنا سر الالم والوجع في معنى احتاج تسعة ابيات تقديمه:
قلب من جرح الهوى ماهو سليم
والمحبة ماتزين ماانصفت
بحثت علاتي افواج النسيم
والاماني في وعدها ماوفت
لاحت بروق االسعادة في عتيم
ولاعرفت دروبها لين اختفت.
وفي الختام المأساوي تغلق الستارة على مشهد مؤلم وحزين يجمع كل متناقضات المشاعر السابقة في القصيدة ويطفىء الشمعة التي أشعلها في الببت الاول .. فكأن الشاعر يشعل عود الكبريت مع استهلاله القصيدة وينفخه عند ختامها. ورغم بساطة وسهولة القصيدة وانكشافها وخلوها من التراكيب والتورية والترميز وتناغم مفرداتا ووضوحها الجميل .. الا ان فيها ميزة عجيبة هي انك تستطيع ان تقراها مرة من بدايتها الى نهايتها لتبدا بالشروق وتنتهي بالعتمة
ثم تستطيع ان تقراها بدءا من البيت الاخير حيث الهم والغياب والحزن ثم تنتقل الى الأعلى فتبدا النفس بالاشراق شيئا فشيئا ..
علي المسعودي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق