الثلاثاء، 10 أبريل 2012

.... تجهز للقاء الأهم!



لصديقي (أبولفافة) علامات فارقه مثل غيره من الناس.
وأهم علاماته هي تلك الاصبع السادسة في كفه.
لكنها ليست أصبعا من جنس جسده... بل نقولها اصطلاحا... لأن (السيجارة) لاتفارق يده أبدا.
هو يحمل صفة (مدخن شره) بأحقية مطلقة.
إذا غضب... (دخن عليها) حتى تنجلي!
إذا انبسط... (عمًر) وزمر!
إذا (احلوًت السوالف) احلوت معها (مذعة الدخان)!
مع الشاهي تحلو سحب التبغ...
مع القهوة... ومع المطر... وفي كل مناسبة.
وهو يحفظ قول نزار:
(دخن تدخينك يغريني...
لا أشهى من رجل يفنى في الركن ويفنيني)!

وهو قد ينسى كل شيء... إلا (باكيته) العزيز.
......
وكنا (أنا وهو) ننتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر:
ذلك اليوم الذي ورد إلينا فيه اتصال يبلغنا أن مقابلتنا مع المسؤوول الكبير (....) قد تم تحديدها في الحادية عشرة صباحا.
وقد تحضرنا باكرا لتلك المقابلة الحلم، وانطلقنا إلى الموعد الذي (يحسب حسابه)
كان الجو جميلا رائقا كأنما هو ماوصفه أبو تمام: (صحوٌ يكاد من النضارة يمطر).
لكن جمال الجو لم يلفت انتباهي بقدر مالفت انتباهي شيء جديد آخر لم أتعوده.
فقد لاحظت أن صديقي الفوضوي يرتدي على غير العادة ملابس أنيقة ناصعة البياض أبدت وسامته.
وٍهناك شيء أهم من ذلك كله.
كان في كفه خمسة أصابع فقط.
قلت له: غريبة ما دخنت طوال الطريق وقد قاربنا على الوصول ولم تشعل – كالعادة – (لفافة التبغ) يا أبو لفافة؟.
ابتسم مستنكرا: عيب! ماتسوى علي أسلم على الرجال واغثة بريحة سجايري. هذا انسان متعود على العود والطيب والروايح الزينة... أما أجيه أنا ووجهي وريحة الروثمان تعطعط في غترتي ماهو شي سنع... المقابلة إن طولت ربع ساعة، نخلص منها ولاحقين على هالتبن!).
قلت: قصدك التتن!
قال: التتن.. تبن
والتبن ارحم!
قال جملته الأخيرة وهو يخرج (الباكيت) من جيبه ويضعه أمامه...
وقلت في نفسي: هذا سر نجاح صديقي وتفوقه.
إنه يعرف متى يكون عبثيا ومتى يكون ملتزما...
كنا قد اجتزنا حواجز تفتيش السيارة والسؤال عن البطاقات..
وبعد لحظات من الصمت... تنهد الصديق وهو يطالع (الباكيت الغالي) ثم تحسر وردد البيت الشهير:
(طس السبيل من اشقر التتن طسه)
فأكملت أنا: عليك (طسه) والتتن لك يجابي.
طالعني مستغربا... ضحك، وعلقت: نفس الوزن؟
وقلت له وأنا أوقف السيارة: يالله طس... انزل من السيارة.
كنا قد وصلنا.. فوجدنا جدول مواعيد (الشخصية) تحتم أن ننتظر نصف ساعة أو اكثر
وتم اللقاء وخرجنا فرحين....
وفي طريقنا إلى سيارتنا كان أذان الظهر يصدح في المسجد الذي نراه فسيحا جميلا..
قلت لصاحبي: حي على الفلاح.
قال: طيب... لكن عطني مفتاح سيارتك.
أعطيته المفتاح... وذهب مسرعا ثم عاد بأصبعه السادسة!
أشعل السيجاره... وأخذ( يشفط وينفخ) وقد زاد من حلاوة النفخ أن (الدنيا ربيع والجو بديع)
وقبل أن نصل إلى المسجد بأمتار قليلة..
رمى صديقي عقب السيجارة أمامه وسحقه بحذائه..
.............
ثم دخل (يقابل ملك الملوك)!!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق