الاثنين، 13 فبراير 2012

.. ومسوي نفسك مطوّع!

علي المسعودي


في هذا الزحام الفضائي، الإلكتروني، والعري البشري الحي والمباشر، أصبحت المغريات والمغويات أكثر مما يحلم به من يبحث عنها، وأكثر مما يتمنى صاحب المتعة، فالعرض أكثر من الطلب، إذ رخصت الأثمان، وسهلت الوسائل.
كل شيء أصبح يطلب يدك للحرام.. مال ونساء وأفلام وسياسة وفضائيات، وفي سوق الضمائر،
لكل ضمير سعره!
ومن هذا السوق الكبير الذي يسيطر على العالم فيبيع ويشتري فيه، يحاول «إنسان ما» أن يتلمس قلبه، ويزيل الغبار المترسب على ضميره، يذهب بعيدا عن كل ذلك، يهرب بأخلاقه ومبادئه، ويحافظ على ما بقي من طهارته، يعلم أن الوضع خطير، والمجاهدة مضاعفة.. سيحاول أن يفرز في مشاهداته للقنوات، ثم يفرز في البرامج، وسينقح صداقاته، وسيختار من قراءاته صفحات معينة من صحيفة معينة، وسيقاوم ملهيات لا حصر لها تحول بينه وبين إنسانيته.. وسيحارب بأساليب مختلفة كي يحصن عائلته بصفته راعيا ومسؤولا عن رعيته.
في السوق يغض البصر من كل ناحية.. فهناك حفلة سمر لا بشر تشري،
في الإنترنت سيقلب طرفه كل حين، ومع النساء سيختار كلماته بدقة أكثر كي يكون حاجز الميانة سميكا.. وسيحاول أن يرشد الناس بكلمة أو معلومة أو نصيحة أو حديث أو رسالة هاتفية..
لكنه رغم ذلك بشر مثله مثل غيره، يخطئ.. فهو قد تفلت منه كلمة ليست في محلها، وقد يطيل النظر لامرأة في لحظة ينسى بها نفسه.. فهو ابن رجل اسمه آدم نهاه ربه أن يقترب من الشجرة، ومع ذلك اقترب وأكل من ثمرها!
سيؤكد بشريته بخطأ ما.. لأنه ابن ذلك الرجل الصالح الذي عفا عنه ربه..
عندها سيسمع صوتا مستهزئا يقتنص الفرصة، وتقول: إنك ملتزم.. ؟!
صوت جاهل لا يعرف أين ينغرس خنجر كلماته، ستكون مثل حز حاد في القلب.. فهؤلاء يكرهون خروجك عن نطاقهم، ويفرحون بخطئك لأنهم «ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق