السبت، 25 فبراير 2012

هل تذكر يا د. غانم ؟





علي المسعودي



للأيام الأولى من تحرير الكويت عام 1991 نكهة سعادة رائعة بطعم دخان الآبار
لها نشوة الحرية عندما ينفتح باب السجن..
وبعد أن جاء صوت الحرية
جاءني صوت أستاذي الدكتور غانم النجار ؛ يدعوني للتطوع في  «جمعية الدفاع عن ضحايا الحرب»، التي تهدف إلى فضح جرائم حزب البعث  وكشف التعذيب الذي مارسه جلاوزته على كويتيي الداخل، وأساليب وأدوات ذلك التعذيب، وعلى الفور قمت بدعوة عدد من الزملاء واتجهنا إلى المقر الذي كان عبارة عن مدرسة وافقت وزارة التربية أن تستغلها الجمعية.. ومهما نسيت فلا أنسى ذلك الإفطار الجماعي البسيط في أول يوم رمضان بعد التحرير الذي أعددناه في الهواء الطلق مع المتطوعين من الشباب والفتيات، في وقت كانت فيه الكويت تعيش بلا كهرباء، تحت لوحة سماوية شكلتها الآبار المحترقة.
هناك كانت الاجتماعات اليومية مع عدد كبير من المتطوعين يتصدرهم النجار، وأذكر منهم د.علي الدمخي وحرمه، والزملاء د.أحمد الفضلي وجاسم الشمري وأحمد الجبر وعلي الجاسم وآخرين غابوا في الذاكرة.. شباب وفتيات يملؤون غرف المدرسة وساحاتها، كل منهم يعمل لنصرة شعب مظلوم.. مر عليه سبعة أشهر سوداء لم يذق فيها طعم الاطمئنان.. سلبت منه هويته فجأة وأصبح بلا وطن.
كان الكويتي في تلك الأشهر ممن صمد في الكويت مثل حال أي شخص (بدون):


يعيش بلا أمان، مسلوب الهوية، يخاف من تقديم إثباته، تحاصر الدبابات بيته، غير معترف بوجوده، لا يملك سيارته لأنها قد تصادر في أي لحظة، لا يستطيع التعبير عن رفضه لما يحدث، ليس من حقه التصريح، ولا التظاهر.. وقد حضرت بنفسي أول مظاهرة للكويتيين في بلدهم الكويت المسلوبة.. وكانت الوجوه خائفة مذعورة حزينة، لكن فيها الإصرار العجيب على الثبات، من تجذر في أرض فمن الصعب اقتلاعه منها..
كان الكويتي لا يطالب إلا بوجوده، وحقه في الانتماء، وكانت سلطة المحتل لا تعرف إلا لغة العنف..
وقد أثبتت الظروف أن لغة العنف هي الأضعف، ولغة الحجة هي الأبقى..

وأن البدون.. هو إنسان كامل الإنسانية من حقه أن يعيش بكرامته.
هل تذكر يا د. غانم...؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق