علي المسعودي
(المبدع في العالم العربي.. مسكين)!
مسكين، لأنه مبدع، لذلك فهو محارب،
ولأنه مُحارَب.. فهو منبوذ.
وهو منبوذ.. لأنه ناجح.
والناجح يزرع المنافسة في النفوس.
لكن المنافسة - في التقليد العربي الحديث- تتحول إلى غيرة، ثم تتحول الغيرة إلى حسد، ثم إلى بغضاء.. فعداء متواصل.. حتى تبدأ الحرب الضروس ضده من كل مكان.
كنت مرة أجلس مع زميل مبدع تم إقصاؤه ليكون في قسم يرأسه فيه رجل فاشل وحقود..
قل لي ذلك الزميل: ما يهوّن الأمر أن رئيسي في العمل ساذج وفاشل.. لن تطول به المدة.
قلت له: والله أنا ما مرمطني في حياتي ومسحني في البلاط إلا الفاشلين السذج مثله.. هم يجيدون لعبة الكر والفر والدسائس.. ونحن نجيد العمل..
لذلك تكون الغلبة لهم!
يتحلق حول المبدع الجاد أنصاف الموهوبين، والموتورون.. وعديمو الجدوى، ليزرعوا في طريقه الشوك.
لذلك، ينسى إبداعه وينشغل بسد الثغرات، ونفي الشائعات وتبرير التصرفات.
فبينما كان ينشغل بعمله، يتفرغون هم لعرقلته.
هو منهمك في انجازاته.. وهم منهمكون به
ثغرة من هنا يزرعها حاسد.. وثغرة من هناك يبذرها كاره.
حتى لو انتقل إلى عمل آخر، سيصادف النفوس ذاتها بأشكال أخرى أينما ذهب.
لذلك، هو يخصص 40 بالمئة من جهده للإنتاج والإبداع.. أما الـ 60 بالمئة الأخرى، فمخصصة لصد الهجمات وإغلاق جحور الثعابين، والدفاع وصد الضربات تحت الحزام.
فلو أن المبدع عمل بنسبة 100 بالمئة لإبداعه.. ستكون النتيجة مبهرة حتما.
المشكلة الحقيقية هي عندما تواجه بنسبة 60 بالمئة من عملك أناسا يعملون بنسبة 100 بالمئة لتدمير إبداعك، لأنهم لا يملكون عملا آخر يعملونه.. إلا إذا سنحت لهم الفرصة ليسرقوا بعض أفكارك.
وأذكر زميلا (...) كلما سمع فكرة من زميل له، انسل من المجموعة بهدوء وذهب سرا عند المسؤول (...) يبلغه بفكرة جديدة طرأت على باله!
هذه الحالة تشبه تماما حالة الدول العربية مع أميركا..
فكل رئيس يركض إلى واشنطن ليبلغهم بفكرة جديدة طرأت على باله.. تنقض فكرة لزميله الرئيس!
المشكلة إذن في قمة الهرم.. وليست القاع.
ولله في خلقه شؤون!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق