رجل بسيط.. لكنه صعب المراس.
مسكين.. لكنه صلب.
فقير.. بكنوز لاتحصى.
محروم البصر.. متنعم بالبصيرة.
أحب قفشاته وخطبه الجريئة.
هو الشيخ عبدالحميد كشك رحمه الله.
بدأت قراءة مذكراته (قصة أيامي) وكنت في سفر.. فكانت كلماته أنيسا لي في أيام لا تنسى.
ومنه هذه المقاطع:
- ونسي قارون أو تناسى أن الدنيا إذا (حلت.. أوحلت)، وإذا كست أوكست، وإذا أينعت نعت، وكم من قبور تبنى وما تبنا، وكم من مريض عدنا وماعدنا، وكم من ملك رفعت له علامات فلما علا.. مات!
- ودخلت على المحقق ووجه أسئلته، ومن الأسئلة التي مازلت أذكرها، هذا السؤال الخالد: لماذا تهاجم نيللي وكأن نيللي هذه أصبحت ذاتاً لاتمس.. السيدة المصونة والجوهرة المكنونة!
قلت إنما أطالب بتأخير فوازيرها حتى نصلي القيام، فقد صارت كالهلال للصوم، نصوم لفوازيرها ونفطر لفوازيرها!
- والله لو أكرمنا كتاب الله ما أهاننا أحد.
- والناس لو تحولوا إلى كناسين ليثيروا التراب على السماء فلسوف يثيرونه على أنفسهم، وستبقى السماء هي السماء ضاحكة السماء بسامة المحيا.
- أذل الحرص أعناق الرجال.
- لقد أراد الله خيرا عندما أنساني أن أفتح ذلك الخطاب، وشغلني بأمر المسلمين فقد عقد الاجتماع بين بعض الدعاة وأنور السادات ليلة القدر عام 1399 من الهجرة 1979 ميلادية، وقد حدث صدام بين السادات والأستاذ عمر التلمساني، قال فيه الأستاذ عمر للسادات: «لو كان بيني وبين أحد الناس خصومة لرفعتها إليك، أما والخصومة بيني وبينك فإنني أشكوك إلى الله»، فقال له السادات: اسحب شكواك ياعمر - فقال له: لا أسحبها لأنني أشكوك إلى عادل لايظلم عنده أحد.
- كان الإمام ابن الجوزي يقول: إني لأظل طول الليل أتقلب في فراشي أبحث عن كلمة أرضي بها السلطان ولا أغضب الله.. فلا أجد!
قيل لحكيم: أيهما أفضل لديك أخوك أم صديقك؟ قال: أخي إذا كان صديقي.
- أقرب الساعات إلى الفجر أشد ساعات الليل ظلمة.
- قيل لأبي بكر رضي الله عنه: ياأبا بكر بم عرفت ربك؟ فقال رضوان الله عليه: عرفت ربي بربي ولولا ربي ماعرفت ربي، قالوا: فكيف عرفته قال: العجز عن الإدراك إدراك، والبحث في ذات الله إشراك.
- قيل لعلي كرم الله وجهه: متى كان الله؟ فقال: ومتى لم يكن؟
- مات الزعيم جمال عبدالناصر يوم الاثنين (28 سبتمبر 1970) وطفح النفاق كما تطفح الأرض بماء المجاري، وأرسلوا في المدائن حاشرين، وجمعوا الناس لميقات يوم معلوم لتشييع الجنازة يوم الخميس، وفي هذا مخالفة لشرع الله، فإكرام الميت في الإسلام دفنه.
ومرت هذه الأيام ثقيلة متباطئة وجاءت ساعة الدفن وأنا أجلس بجانب المذياع أترقب مصير هذا الذي كاد يقول أنا ربكم الأعلى، وأوشك أن يصيح بأعلى صوته: أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون؟ وجيء به على شفير القبر وكأن القبر يناديه بلسان حاله: أجمعت الدنيا أم الدنيا جمعتك؟ أتركت الدنيا أم الدنيا تركتك؟ أعجلت المنية أم المنية عاجلتك؟ خرجت من التراب بغير ذنب، وعدت إلى التراب بكل ذنب.
قال عمر بن عبدالعزيز ذات يوم للحسن البصري: «عظنا ياتقي الدين وأوجز» قال: «صم عن الدنيا وأفطر على الموت، وأعد الزاد لليلة صبحها يوم القيامة».