- من مصلحة الباغي إفشاء نظرية «حسن الظن»!
د.محمد أبو موسى

أنا رجل أؤمن بنظرية المؤامرة، وأشعر أن إبداء حسن النوايا دوما هو نوع من المؤامرة، وأن نفي «نظرية المؤامرة» هو جزء من المؤامرة!
ولا يروق لي مصطلح (المؤسسة الدينية) باعتباره مصطلحا خبيثا سواء جاء قصدا أو جهلا، فهو يحوي في داخله الكثير من المعاني الغريبة، في مقدمتها أن يتحول الدين إلى جمعية تعاونية أو جمعية نفع عام، أو حتى مؤسسة مستقلة ذات مسؤولية محدودة، لها خطوط معينة ومكان واضح وإطار لا تخرج عنه، ليصبح الدين مختزلا في عدة علماء وطلبة علم يحددون بعض الفتاوى الاجتماعية (التي تناسب العصر فقط، من وجهة نظر إعلام براغماتي)، ويعملون في المسجد على إقامة صلوات الجماعة وخطبة الجمعة التي تتحدث عن حسن الخلق (من وجهة نظر براغماتية)، ويلصقون بعض البوسترات داخل المسجد.. ثم يوقعون على دفتر الانصراف ويذهبون إلى بيوتهم يمارسون حياتهم «الطبيعية» (من وجهة نظر براغماتية).
وإذا ما توسع عمل هذه المؤسسة خارج هذا الإطار فهي في أحد أمرين: إما متاجرة بالدين يحاول علماؤها التزلف للحاكم وتفصيل الفتاوى على مقاس السلطة، وإما أن يخرجوا عليه ويسعوا إلى إقامة دولة دينية إرهابية تعيدنا إلى عصور الجهل (ولا أدري أي عصور جهل تلك التي حكم فيها الدين الإسلامي.. وأي عصور علم ينعم بها الشعب العربي الأبي اليوم)؟ الدين مؤسسة ويجب ألا يصبح دولة (حسب اللغة البراغماتية التي تحكم الإعلام العربي اليوم).
إن تحويل الدين من منهج حياة -يفكر ويحدد أكبر القضايا انطلاقا من شروط الحكم وسياسة الناس ومال المسلمين والجهاد.. إلى أصغر القضايا وتفصيلها، ككف الأذى عن الناس والطرق ونظافة البدن وحفظ حق الجار- إلى مؤسسة صغيرة كانت أو كبيرة، ما هو إلا محاولة لخنق التشريع الإسلامي الذي حكم فأعز أهله، واحترم الديانات وأهلها، وصان الأعراض والدماء، وأعطى المقدسات حقها، ولم يقتل شيخا ولم يهدم كنيسة.. وبسط الأمن في الدولة ووفر الرعاية للمسلم والكتابي وحتى الملحد والمشرك.
وفي زمن أصبحت فيه بعض العقول ترى في كشف الفتاة ساقيها «أو أكثر» ونحرها «أو أكثر» حرية شخصية، أما النقاب وإطلاق اللحية وتقصير الثوب فهو تخلف وتعد على المنظر العام!.. وما ذلك إلا شهوة تريد أن تحكم فتزيح الأوطان إلى هاوية يحكم فيها الهوى..
الدين ليس لأحد دون أحد.. وليس لملتح أو مقصر ثوبه.. هو لكل الناس.. كل منهم يؤمن بالمنهج الإسلامي الرائع، ويطبق ما استطاع منه (من غير الفروض).. وعلى الدولة أن تحمي الدين وتقيمه.. فلا تعليب للدين،
ولا وطن بلا دين