(لو مشيت بسيارتك في عاصفة شديدة فمررت بثلاثة انقطعت بهم السبل، عجوز توشك على الموت، وصديق له فضل عليك تنتظر رده له، وفتاة تحلم طوال عمرك أن ترتبط بها)، فمن تحمل من هؤلاء في سيارتك التي لا تستطيع أن تحمل فيها إلا راكبا واحدا فقط؟
قلة يجيدون إجابة هذا السؤال، وهم أولئك الذين يملكون حسن التصرف واقتناص الفرص..
هذا السؤال يتم تقديمه للمقبلين على وظائف إدارية تقاس فيها قدرتهم على التعامل مع الأزمات.
وأقوى الأزمات هو التعامل مع بشر متلونين مرهقين للأعصاب.. وهم أنواع.. أوقحهم الذي ينقل سيئاتك (متجنيا) متجنبا حسناتك حتى تنفصل عرى قوتك.. وقد لا تسمح لك أخلاقك أن تحاربه بطريقته..
رسولنا الكريم يشجع على التعامل مع البشر والصبر على أذاهم، ويفضله على العزلة.. على ألا تترك نفسك تضيع بين همهمات الناس وإغراء الأضواء (فالعزلة نعمة أحيانا).
وأصعب من تتعامل معهم أولئك الذين يحسنون الحديث ويقسمون على محبتهم لك، ويسوقون الأدلة على ذلك حتى تقول: ما أطيبهم! ولكن الحقيقة عليك أن تحذر هذا النوع حذرا مضاعفا لأن الله سبحانه حذرك بقوله: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه.. وهو ألد الخصام).. ولا تتضايق من مكر البشر فالله يبشرك: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله).
ومن رفعة المرء أن يعامل الناس معاملة حسنة، لكن الثقة المفرطة في الناس جهل.. وسوء الظن من قلة المروءة.. وصدق المتنبي:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده من توهم
احتواء القلوب هو فن الإدارة، خاصة لأولئك الذين
لا يجيدون تقديم أنفسهم بصورة جيدة.
أما حل السؤال فهو أن تعطي صديقك مفتاح السيارة ليوصل العجوز إلى أقرب مستشفى، وتبقى أنت مع الفتاة تستمتع معها بحب عاصف على طريقة مأساة تايتانيك!
إنه سؤال افتراضي لكنه يحفز الذهن ويعطي رحابة في التفكير والاقتراحات،
وهكذا هي الحياة تحتاج إلى طيبة وذكاء ومغامرة.. ودهاء أحيانا، وفي الحديث الشريف (المؤمن كيّس فطن).
المؤمن يرى بنور الله.. فلا تغلق الأبواب.. ولا تفتحها على مصاريعها!
***
- رجل كبير يتحدث مع حفيده، قال: أشعر وكأن داخل قلبي ذئبين يتصارعان، ذئب عنيف وحقود، والآخر شجاع وكريم، سأله حفيده: من سيربح المعركة؟
أجابه الجد: الذئب الذي سأغذيه سيفوز!