قليلة هي الأمنيات التي تتحقق من تلقاء نفسها.
«جون سميث»

لا أظن أن قارئي الكريم سيتعب نفسه في التفكير كي يكمل الحروف الملائمة في كلمة العنوان بين القوسين أعلاه، لأنه مثل دارج معروف ومتداول لاكته الألسن فأصبح شائعا مشاهدا وواقعا ملموسا ليس من التبذل أو الابتذال إيراده في مقال، وقد أيقظ هذا المثل الذاكرة الشعبية التي لاحظت أن الفتاة الرصينة العفيفة «المخفرة» تنتظر طويلا وينتظر معها أهلها بحسرة طارقا يطرق بابهم ليكون زوجا كريما لفتاة محصنة مصانة.. ويطول الانتظار.
في الوقت ذاته يكون حظ تلك الـ «....» في الزواج سريعا ومميزا، فما أن تشب عن الطوق وتظهر أمام الناس- وهي تجيد إظهار نفسها - حتى تجد عددا من الخطاب يتسابقون إليها، تختار أغناهم وأوسمهم وأرفعهم منصبا.. فيأخذها في شهر عسل إلى أجمل بقاع الأرض، لكنه ما إن يعود حتى يكتشف أنها فتاة لعوب لاتصلح زوجة، فيطلقها بعد أن يسدد فاتورة طلبات والديها ودعاواهم القضائية من ميزانية الدولة، وما أن تنتهي عدتها حتى يطلبها للزواج مسؤول آخر من المسؤولين ويدفع لها المهر كاش من احتياطي الأجيال العاطلة.
وقد رأى حكيم امرأة خرجت متزينة يوم عيد فقال: «هذه خرجت لتُرى لا لتَرى !».. وهذا مالا تجيده بنت الناس «الأجاويد».. فبعد طول انتظار يطرق باب العفيفة شاب مسكين «أجلح أملح».. فتزف إليه، ويزف والداها إلى السماء أكفهم بدعوات أن يوفق الله ابنتهما ويسترها ويرزقها الذرية الصالحة.
هكذا هي الحياة التي قلت فيها حظوظ ذوي الأيدي الشريفة والعقول النظيفة من مفكرين ودعاة ومحللين ومثقفين فتواروا عن الأنظار لأن أصواتهم صارت نشازا ووجودهم أصبح خطأ، بينما علت أصوات الانتهازيين وطغى حضورهم وتصدروا المجالس والإعلام والموائد وصناديق الاقتراع.. فكثرت موائد اللئام وكثر حولها المريدون الذين يملؤون بطونهم بما لذ
وطاب من الحرام!
حتى قال أحدهم: الحياة كلها أصبحت الـ «....» فاهربوا منها !!
وقال أفلاطون: الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لا مبالاتهم بالشؤون العامة هو أن يحكمهم الأشرار.
ولله في خلقه شؤون!