الخميس، 26 يناير 2012

أم مناحي.. وأم تشيلسي



علي المسعودي



«ما زلت حتى هذا اليوم أعيد حبات الزيتون غير المأكولة إلى جرة الزيتون، وأغلف أصغر قطعة جبن، وأشعر بالذنب حين أرمي أي شيء». هذا الكلام ليس لجدتي «أم مناحي» رحمها الله.. بل هو لهيلاري هيو إي ردهام الشهيرة بـ «هيلاري كلينتون».
هي شخصية مبهرة وتجربة نجاح تستحق الدراسة، وأنصح بمتابعة كلماتها خارج الإطار الرسمي.. ففيها الكثير من العمق.
وكم استمتعت بكتابها «تاريخ عشته» وتجولت في ملامح شخصية ذات إصرار عجيب، اشتهر عنها أنها مرت في صحبة بيل كلينتون بمحطة بنزين يديرها حبيبها السابق فقال «بيل» متهكما: لو تزوجته لكنت اليوم زوجة مدير محطة بنزين، فردت عليه: لو كنت تزوجته لأصبح رئيسا للولايات المتحدة! 
وهذه الحكاية لم أعثر عليها في كتابها «تاريخ عشته»، وإن كانت واقعية فواضح أن بيل لم يكن لولا دعم وتوجيهات هيلاري له وتجاوزها عن الكثير من أخطائه، وبلا شك أنها كانت أقدر منه في أشياء كثيرة، وقد بدا ذلك في موقف، حيث كانا زميلين في الجامعة، تقول: لاحظت أنه كان ينظر إليّ، وكان يكرر ذلك كثيرا، نهضت من المقعد وسرت نحوه وقلت: إذا كنت ستواصل النظر إليّ وأواصل النظر إليك، يمكننا أن نتعارف، أنا هيلاري ردهام. أما الطريقة التي يروي بها بيل القصة فيقول: في تلك اللحظة لم أستطع أن أتذكر اسمي!
ملأت حياتها عملا.. وآمنت بالقول: "ما لا تتعلمه من أمك تتعلمه من العالم». قبل أشهر خرجت من اجتماع لها في الدوحة وهي تقول:
«ليس المهم الصدمات التي تجابهك في حياتك، المهم هو طريقة تعاملك معها».
عاشت في كنف والد بخيل شحيح - كما تصفه - شعاره: "ادفع وامش" وأم «مقيدة بالخيارات الضيقة»، عالمها هو المنزل وترتيب المطبخ وأحوال الأبناء..
وانطلقت لتكون السيناتور ، ثم السيدة الأولى ثم وزيرة خارجية الدولة الأكبر.
عندما قابلت الملك حسين، قالت: لم يكن المرء في حاجة لأن يعرف أن الحسين هو من أحفاد النبي محمد عندما يفاجأ بحضوره الآسر ونبله الأصيل. (اللهم صلّ عليك يا أكرم الخلق.. شهد لك من آمنوا بك ومن لم يؤمنوا بك»
وفي شخصية «أم تشلسي» يشدني عملها الدؤوب ومعرفتها نفسها وماذا تريد.. وإن كانت «أم مناحي» تلك العجوز العفيفة التي ماتت ولم تعرف الزيتون ولم تره، كانت أكثر منها عملا ومقيدة بخيارات أكثر ضيقا!
التفت حولك.. فلن تجد في القياديات لا أم مناحي المرأة "المستورة» ولا أم تشيلسي صاحبة الإنجازات.. بل ستجد من تفوز بصندوق مزور ثم «تلهف» وتبلع وتشفط .. ثم تصرح بغباء!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق