لو قدر لغاضب أن ينظر إلى صورته في المرآة حين غضبه لكره تغير لونه، ورعدته، وارتجاف أطرافه،
وتحول خلقته، وانقلاب سحنته، واحمرار وجهه، وجحوظ عينيه، وخروج حركاته عن الترتيب، وأنه يتصرف مثل المجانين لأنف من نفسه، واشمأز من هيئته، ومعلوم أن قبح الباطن أعظم من قبح الظاهر، فما أبشع شخص هذه حاله.
ولقد رأينا الغضب يذهب بأصحابه إلى حد الجنون عندما يقتحم نفوسهم.
وأقسى الغضب ما لقيه الأولاد من الوالد.. وأقسى ما يمكن مشاهدته أن يضرب الوالد ولده في مكان عام.
والغريب أن بعض الآباء يدعو أبناءه لفسحة في نهاية الأسبوع، فيتباشر الأبناء بالخبر ويتجهزون.. وما إن تتم الرحلة حتى يتعكر صفو الأب، فيبدأ بالأوامر والنواهي، ناسيا أن لعب الأطفال طبيعة فطرية: لا تصعد، لا تصرخ، فضحتنا، لا تذهب.. فتتحول الفسحة إلى نكد وغم.
هذه قصة انتشرت عبر المواقع الإلكترونية.. فيها عبرة وفائدة.
بينما كان الأب يقوم بتركيب مصدات معدنية لسيارته الجديدة باهظة الثمن، وإذ بابنه الصغير يلتقط حجرا حادا ويقوم بعمل خدوش على جانب السيارة باستمتاع بالغ.
وما إن انتبه الأب لابنه حتى طار لبه وغضب غضبا شديدا، وهو في قمة غضبه فقد شعوره وهرع إلى الطفل آخذا بيده ضاربا عليها مرات كثيرة وعديدة.
ولكنه لم يشعر أن يده التي ضرب بها ولده كانت تمسك بمفتاح الربط الثقيل الذي كان يستخدمه في تركيب المصدات، ما جرح طفله جرحا غائرا واضطر إلى أخذه للمستشفى.
وفي المستشفى حاول الأطباء ما استطاعوه من أجل علاج الولد، لكنهم في النهاية اضطروا إلى بتر أصابع من يده، وبعد أن انتبه الابن ورأى ما آلت إليه يده سأل أباه بخوف واسترحام: «يا أبي قل لهم يرجعوا إلي أصابعي وأعدك ألا أفعلها ثانية»!
تألم الأب غاية الألم وعاد إلى السيارة وأخذ يركلها عدة مرات في غضب هستيري، ومن شدة الإرهاق جلس على الأرض منهكا، ولما نظر إلى الخدوش التي أحدثها الابن في السيارة الجديدة وجده قد كتب: «أحبك يا أبي».
كانت هذه العبارة أهم وأجمل من السيارة الجديدة، وأهم من أن تشوه لونها البراق الجديد.
انفجرت دموع الأب، ثم أخذ حجرا وكتب على جانب السيارة: «وأنا أحبك أكثر يا بني».