أمي الغالية...
أحتفل بك الآن وأنا بعيد عن حضنك..
أضع الفراق الطويل في علبة ملونة ثم أشعل لك شمع الشوق.. وأهنئ نفسي بك.
بلاد الغربة باردة يا أمي رغم المدافئ الكهربائية وأنابيب الغاز المثقلة بالماء الساخن.. وأنت تبقين كما أنت حضن حب، وضلوع دفء،
وميناء سلام.
ومن بين عذاب الاغتراب، يطل يوم الثامن عشر من ديسمبر كعقد ياقوت بين أحجار الأيام الطويلة والثقيلة..
ويشيب الزمن.. وتبقين قطر الجميلة شابة في كل نبض وكل قلب وكل وريد.. أنت العروس النقية التي تتدلى جدائلها من الرويس حتى تصب في «العديد»...
وعلى امتداد كف الخريطة البهي.. أنقش حناء الوله والحب والانتماء.. والارتماء في كل قطعة أرض حلمت فيها أو وطئت عليها أو فارقتها مرغما..
أسميك قلب الأرض.. يا وطن المجد ومجد الأوطان..
ألهج بالحمد لك على كل يوم كان فيه «حمد» بهيا وحييا وشامخا كجبل..
وأجمع لك تمام المكارم.. مع كل إطلالة «تميم» يملؤنا فخرا.. وعزا وإباء..
أسميك يا أمي الغالية «وطني البعيد» الذي فارقته
ولم يفارقني...
أسقي ورد عرسك بنبع دمعي، وأشهر السيف عاليا كي يليق بفروسيتك التي ملأت الآفاق والأنحاء..
أمي الغالية.. يا دوحة كل أصيل ونبيل وجميل وجليل..
أبني لك في روحي.. مدينة أبراج تزهر ليلا بالقناديل، وتعانق نهارا السحب.. وتتجذر في الأرض مثل انغراسك في نفسي... وتظل كقلعة الزبارة شاهدة على
التاريخ الناصع.
أرصف لحبك شاطئا طاهرا يحرسه علم ملون بدماء الوفاء يخفق فوق راية بيضاء عند ديوان أبيض يشبه قلوبا سكنته..
أمي الغالية... أيتها البعيدة الأقرب من الأنفاس.. أهنئ نفسي بك بمناسبة يومك المجيد، يوم الولاء لك ولوالدي الكريم.. كريم الوجه واليد واللسان والقلب..
أمي الغالية..
قطرة قطرة، أسكبك في شراييني حتى تنهمرين على امتداد المدى.. قطرا تختصر الأرض كلها في جزيرة أشبه بسفينة ترسو على ميناء «سلوى».. أو كأنما هي قطعة أنجبتها الأرض، ثم اقتدت بأم موسى فوضعتها في اليم.. وبقيت ترضعها بالحنان والحنين..
أكتب لك بحبر المجد اسم «جاسم» .. وألهج بالدعاء لمجد اسم «حمد»..
ثم أقبل جبينك الطاهر.. «كل عام وأنت بخير يا أم الدنيا.. يا قطر».