للإعلام لغة خاصة تعتمد على الصدق في نقل الخبر، لكنها لا تعتمد على الصدق وحده، فيجب أن يكون لنقل الخبر هدف، وإلا فقد قيمته، أيضا لا بد أن يكون له مكسب، وإلا فقد فائدته.. ولذلك فإن لغة الإعلام هي خليط من الأمانة والمراوغة والتصيد، والمباغتة، والفبركة.. وقبل كل ذلك: التخطيط خلف الكواليس.
هناك حملات إعلامية منظمة يتم فيها اتباع سياسة كسر العظم، وهناك هجوم إعلامي مرتب.. يتم فيه الحفر حتى يقع المبنى على جانب من جوانبه.
الإعلام لعبة متعبة مرهقة.. ولذيذة في الوقت ذاته، لابد أن تنطلق بقوة وأنت تعرف أين ستذهب ومن ستجرف في طريقك.. ومن ستطؤه بأقدامك!
وذلك كله ربما هو ما جعل العلماء والمربين والدعاة والمتدينين والمصلحين الاجتماعيين ينسحبون من هذه اللعبة، فانفسح الطريق لأصحاب النظريات البراغماتية كي يسيطروا على الإعلام في العالم الإسلامي والعربي، حتى أصبحوا يتحكمون في وجهة نظر الشارع ويحددون طريقة تفكير المتلقي عبر الرسائل المنظمة التي يوجهونها له.
وقد أقبل أن يحارب القوة السياسية الإسلامية البراغماتيون أو العلمانيون أو الملحدون أو الليبراليون.. لكن مابال العامة، وماذا عن رجل طاعن في السن يخرج من المسجد وقد أدى الصلاة بخشوع ثم يعبر عن خوفه من حكم الإسلاميين؟
أليس من الغريب أن العامة يعبرون عن خوفهم من سيطرة الإسلاميين على السياسة.. أيضا، أليس من الواجب أن يسأل كل منهم نفسه: ما الضرر في ذلك، أليس العلمانيون والعسكر قد حكموا منذ خمسين عاما، منذ أن قفز عبدالناصر والقذافي على الحكم في مصر وليبيا، ومنذ تحولت تركيا إلى علمانية ومنذ حكم البعث في العراق وسوريا، وحكم اللا دين في تونس والجزائر وليبيا.. فبدأت الحرب منظمة ضد الدعاة فملئت بهم السجون نفوهم أو دفنوهم.. ورغم فوز الأحزاب الإسلامية في الانتخابات إلا أن نتيجة فوز الأحزاب كان يسدد فاتورتها الأعضاء من دمائهم وحرياتهم!
ألم تنظم بعض الحكومات جماعات سرية تضع لحى اصطناعية وعمائم مزورة تدعي الإسلام، فتقتحم باسمه فجرا قرى آمنة تقتل أطفالها ونساءها.. ثم تخرج مخلفة الدمار، ليكتب الإعلام العلماني: التكفيريون يقتلون القرى!
إنها حرب الإعلام.. ولا أدري متى يستيقظ أهل الدين ليقفوا أمام أهل الدنيا؟